
2025-07-11
بولس الرسول: من مضطهد إلى كارز عظيم
(سيرة قديس عن صوم الرسل)

وُلد بولس الرسول في طرسوس بآسيا الصغرى، من أبوين يهوديين من سبط بنيامين. سُمي شاول أولًا، وكان يحمل أيضًا الجنسية الرومانية.
نشأ كفريسي، ودرس على يد المعلم اليهودي الكبير غمالائيل في أورشليم.
تعلم بولس اليونانية والعبرية والآرامية، وكان على دراية عميقة بثقافة عصره، كما عمل في صناعة الخيام.
كان بولس في بدايته من أشد أعداء المسيحية، يضطهد المسيحيين بشدة. لكن حياته تغيرت جذريًا عندما ظهر له السيد المسيح في طريقه إلى دمشق، فسقط على الأرض وأصبح أعمى لثلاثة أيام. وبعد أن شفاه الرب على يد حنانيا، تعمد وامتلأ من الروح القدس.
انقلبت حياته من عدو للمسيح إلى أحد أعظم رسله، وكرز في المجامع بأن يسوع هو ابن الله.
قضى ثلاث سنوات في خلوة بالصحراء العربية يتأمل في الكتب المقدسة بروح جديدة. هناك تلقى إعلانًا من المسيح نفسه، فامتلأت حياته برؤية روحية واضحة عن الإنجيل.
انطلقت خدمته التبشيرية بعد عودته من خلوته. بدأ في دمشق، لكنه واجه رفضًا واضطهادًا من اليهود. نجا بأعجوبة عندما دُليّ في زنبيل من سور المدينة. ثم زار أورشليم، والتقى ببطرس ويعقوب، وقدم له برنابا إلى التلاميذ الذين كانوا يخشونه.
انطلقت رحلاته التبشيرية الثلاث من أنطاكية، التي أصبحت مركزًا لخدمته.
الرحلة الأولى كانت مع برنابا ومرقس، وبدأت من قبرص إلى آسيا الصغرى، حيث بشر في مدن كثيرة رغم الرفض والمقاومة.
أما في الرحلة الثانية، فانضم إليه سيلا وتيموثاوس، وذهب إلى اليونان، وواجه الاضطهاد في فيلبى، وتسألونيكي، وأثينا، وكورنثوس.
في كورنثوس، أسس كنيسة قوية رغم الفساد المنتشر، وبعث إليها لاحقًا برسائل مليئة بالتوجيه والتعليم.
أما الرحلة الثالثة، فقد ركز فيها على تقوية الكنائس وتثبيتها، خاصة في أفسس حيث أقام ثلاث سنوات وكانت أكثر فترات خدمته ثمرًا.
اعتُقل بولس في أورشليم بسبب وشاية اليهود، وحُبس في قيصرية ثم نُقل إلى روما بعد أن طلب محاكمته أمام قيصر.
أثناء رحلته إلى روما تحطمت السفينة، لكنه نجا بأعجوبة. أقام في روما في سجن منزلي، يبشر بكل حرية رغم قيوده.
كتب بولس رسائل عظيمة من سجنه، إلى أهل فيلبى، أفسس، كولوسى، وفليمون.
وعندما أُطلق سراحه، استمر في التبشير وذهب إلى كريت، وربما إلى إسبانيا. ثم أُعيد اعتقاله مرة أخرى، وكانت المرة الأخيرة.
في سجنه الثاني كتب رسالته الأخيرة إلى تلميذه تيموثاوس، قائلاً: "قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان".
استُشهد بولس بقطع رأسه في روما، على الأرجح سنة 67 أو 68 ميلادية، في عهد نيرون.
ترك بولس لنا مثالًا خالدًا للتوبة، والعمل الجاد، والثبات في الإيمان. رغم الصعوبات والاضطهاد، لم يتراجع أبدًا. جال في العالم المعروف وقتها حاملاً بشرى الإنجيل، وبذل حياته في سبيل نشر كلمة الله.
إن حياة بولس تعلّمنا أن التغيير الحقيقي ممكن، وأن الإنسان يمكن أن يتحول من مضطهد إلى قديس. شبابه كان متقدًا غيرة، ورجولته امتلأت بالبذل، وشيخوخته أضاءت بحكمة الروح القدس.
فيا أيها الشاب، اجعل من بولس قدوة لك في الثبات، والعمل، والإيمان.
** لا توجد تعليقات على هذه الفكرة..